السبت، 8 أكتوبر 2011

نسخ الأجيال

اليوم بعد أن شاهدت أحد حلقات مسلسل بقعة ضوء عن مغترب عائد من أمريكا لزيارة بلده ليجد بأن من يعيش في البلد لا يلتقي بعضه إلا مرة كل عدة أعوام تذكرت أيام المرحلة الابتدائية. ربما من درس في مدارس سورية في فترة الثمانينات والتسعينات يذكر جيدا احد مواضيع التعبير الأساسية الذي كان عبارة عن رسالة إلى قريب مغترب للدعوة إلى العودة إلى الوطن مع سرد ووصف مزايا الوطن ومحاسنه ومساوئ الغربة ومشاقها. 

أتساءل الآن، هل كان موضوع التعبير ذلك فيه أي شيء من التعبير من خيال الأطفال؟ أم هو مجرد نسخ لما يمليه عليهم معلم الصف من موضوع نموذجي يقومون بنسخه مرات ومرات؟ ماذا عن طفل ليس لديه أي قريب في بلد آخر، كيف يستطيع تخيل ما سيكتب عنه في الموضوع؟ ثم ماذا عن طفل لم يخرج من بلده طول عمره، هل سيستطيع حقا المقارنة بين محاسن الوطن ومساوئ الغربة؟ 

يخيل لي الآن بأن موضوع التعبير ذاك لم يكن أكثر من مجرد أداة من أدوات الدولة لاستعادة المغتربين و/أو من أجل رفع الوعي الوطني عند الصغار حتى قبل أن يعرف الصغار ماذا يجري خارج حدود بلدهم. لا أدري إن كان لازال موضوع التعبير ذاته يدرس حتى اليوم في المدارس، لكني واثق من أن تفكير الحكومة لم يتغير في موضوع استعادة المغتربين وذلك عن طريق إحداث وزارة المغتربين، ومؤتمرات المغتربين السنوية، وغيرها وغيرها. على مر الأجيال تعددت الوسائل والهدف واحد. الجميع مدرك لأهمية عودة المغترب ولكن لم ينجح أي من تلك الوسائل التي استنسخت عبر الأجيال بأشكال عدة بتحقيق الهدف. 

الإنسان في تصرفاته يفعل الكثير مما تفعله الأم الطبيعة ذاتها من حيث النسخ والتكرار في المورثات والخلايا، وذلك عن طريق نسخ التصرفات والأعمال والإجراءات. لكن هل من الصحيح استمرار النسخ مع ثبات عدم نجاح الطريقة بانتظار طفرة قد تحدث أو قد لا تحدث؟ أم أن علينا كبشر نستطيع الحكم على الأشياء واتخاذ قرارات موجهة، القيام بنسخ الأجيال مع إحداث تعديلات مدروسة متوقعة النتائج؟ ربما هذا هو ما يدعى في علم الأحياء الفرق بين الطفرات الطبيعية والتعديل الجيني المدروس. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
Free counter and web stats