الخميس، 23 يوليو 2009

كلام الناس

عندما تطرق هذه الكلمة مسمعي تقفز إلى مخيلتي أغنية جورج وسوف (الذي لا أحبه كثيرا) "كلام الناس، لا بقدم ولا بأخر".
من الأرجح إن لم يكن أنه من المؤكد أن نسبة 100% من كلام الناس هو كلام نقدي، أي تسبغ عليه الصفة الهدامة المؤثرة في بناء شخصية الإنسان، فهي بمثابة كابح للرغبات النفسية وذلك لأخذ مصالح الآخرين بعين الاعتبار.
يبدأ كلام الناس من لحظة الولادة الأولى لوصف المولود، والتعليق على اسمه ووزنه ولون عينيه وشعره، ولا ينتهي حتى إلى ما بعد الممات لمراجعة أسلوب حياة الشخص وأخطاءه وثغرات شخصيته.
كلام الناس هو واقع لا مفر منه ولا مهرب، فلن يستطيع أحد كم أفواه الآخرين سواء كانوا يتكلمون بحسن نية أم بسوءها، إلا أن الفصل هو الخضوع لذلك الكلام أم لا.
الطفل لا حيلة له إلا الطوع والخضوع في معظم الحالات، لأن كلام الناس في تلك المرحلة بالنسبة له هي وسيلة من وسائل التربية الاجتماعية على ما اعتاد الآخرون من حوله فعله لكبح جماح رغباته الشخصية. وهنا يكمن الحل.
الحد الفاصل بين أن تصغي لكلام الناس وأن تسمعه وتفعل منه ما يعجبك هو الحد الفاصل ذاته بين كونك طفلا وكونك بالغا. فأن تبقى رهن كلام الناس للأبد هو بمثابة بقاءك مثل الطفل المنصت للآخرين والمنفذ لأوامرهم دونما اعتراض أو تفكير خشية من سوء السمعة، أما من يترفع بأذنه وعقله عن كلام الناس فهو من نضجت شخصيته للتمييز بين ما يريد هو فعله ويظهر ذاته وبين ما يمليه عليه الآخرين، أي الخط الفاصل بين أن يكون سامعا لكلام الناس، أو أن يكون شخصا من الأشخاص الذين يقولون كلام الناس.

الاثنين، 13 يوليو 2009

عندما يتحول الدين إلى علاقة اجتماعية

منذ عدة سنوات أذكر أحد الأصدقاء البرتغاليين أخبرني أنه يتفاجأ عندما يستمع لحديث بين شخصين من بلدين مسلمين، حيث يسأل أحدهما الآخر، هل أنت مسلم وعندها تبدأ علاقة من المفترض لها أن تكون قوية.
نعم، حقا الأمر يستحق المفاجأة، عادة عندما يلتقي اثنان من بلدين مختلفين من المفترض لهما أن يتبادلا الحديث عن بلدهما المختلف ويعرفا بأنفسهما، أما عند وجود علاقة دينية مشتركة بينهما يعتبرها الكثيرون نقطة من نقاط التواصل (قد تكون ذلك إلى حد بعيد) بين الأفراد من دول مختلفة إلا أنها تبقى قاصرة على حدود معينة لا تتعدى المعتقدات أو الشعائر الدينية، وينقصها الكثير من أمور اللغة ومفردات ثقافة البلدين بما فيها العادات والتقاليد والطعام واللباس وغيرها.
عندما يتحول الدين إلى أحد أساليب الربط الاجتماعي تظهر الكثير من الثغرات في العلاقة، وذلك بسبب تجاهل الكثير من عناصر ثقافة الآخر الأخرى واعتبار تصرفاته باطنيا نسخة من التصرفات الذاتية وأي شيء شذ عن ذلك فذلك شذوذ على الدين، وهذا سيؤدي في معظم الأحيان إلى سوء العلاقة لا تقويتها.
عندما يتحول الدين إلى أسلوب من أساليب الربط الاجتماعي حتى بين أبناء الدولة الواحدة تبدأ مشاكل التمييز المبني على أساس العقيدة، واستضعاف الأقليات، واستقصاء المختلف.
عندما يتحول الدين إلى أسلوب من أساليب الربط الاجتماعي، تبدأ العداوة بين المجموعات وتكون الغلبة (التي قد تنتهي بأسوأ صورها بسفك الدماء) للأقوى.
عندما يتحول الدين إلى أسلوب من أساليب الربط الاجتماعي تضعف أي احتمالات أخرى للتفاهم بين الأشخاص أو تكوين صداقات بينهم، ويقسم الناس إلى أبيض وأسود أو بتعبير آخر "من ديني" و "من غير ديني"
عندما يتحول الدين إلى أسلوب من أساليب الربط الاجتماعي تبدأ العزلة، ويبدأ كره الآخر، ويبدأ صراع الغاب.
عندما يتحول الدين إلى أسلوب من أساليب الربط الاجتماعي تنتهي الحضارة، هذا إن قدر لها الولادة أصلاً.
 
Free counter and web stats