الأحد، 23 أغسطس 2009

عيد وفاة

اجتمعوا بأكفانهم البيضاء التي كانوا قد حضروها لهذه المناسبة، لملموا الزهور التي أحضرها أهله في الصباح عند زيارة قبره في ذكرى وفاته الثالثة، وزينوا بها طاولة العشاء ينتظرونه ليصحو من قيلولة بعد الظهيرة. لقد مرت السنوات الثلاث مثل لمح البصر، كان آخر من وفد إلى تلك المقبرة التي امتنعت عن استقبال المزيد من الموتى بسبب محدودية المكان. رغم أنهم شعروا بالحزن على عدم مجئ المزيد من النزلاء الجدد، إلا أنهم كانوا راضين عن عدد المقيمين الحاليين، فإن زاد العدد أكثر سيكون من المتعب التحضير لحفلات أعياد الوفاة لكل النزلاء.

صحا من نومه، كان كفنه قد تجعد فقد نسي استبداله قبل النوم، استغرب من النور الزائد في المقبرة على غير العادة، ظن أنها أحد تلك أعمال الحفريات المزعجة التي لن تجعله ينام طوال الليل مرة أخرى هي السبب في كل تلك الإنارة. نظر حوله فلاحظ اختفاء الأزهار التي أحضرها في الصباح ابنه الأكبر مع أحفاده الثلاثة الذي كان أحدهم لا يزال حديث العهد بالمشي، كانت تلك المرة الأولى التي يقابله فيها، "من ذهب بها ياترى؟ هل هو أحد سارقي المقابر مرة أخرى؟ ألم تكفه أضراس الذهب والفضة، وجماجم وعظام النزلاء هنا حتى تدنو نفسه لسرقة أزهار ستذبل مع وصوله إلى المدينة؟" "أم أنه عاشق لا يعرف لون العشق يريد أن يقدمها لحبيبة لا تفرق بين لون أزهار الموت ولون أزهار الحب؟"

نهض من مرقده يبحث عن مفتاح النور ليطفأه، وإذا بجميع أنوار المقبرة قد خفتت وانطلقت أصوات المجتمعين حول المائدة عالية "عيد وفاة سعيد". تسمر في مكانه من هول المفاجأة محمر الوجه، وبدأ قلبه ينبض عاليا، ومنذ ذلك الحين وفي تلك المقبرة قبر فارغ.

هناك 3 تعليقات:

 
Free counter and web stats