الأربعاء، 27 يناير 2010

آذان ومآذن

ربما يكون الموضوع متأخرا، لكنه جاء في الوقت الذي آنت فيه لقطرات الندى أن تتجمع لتصبح قطرة لتسقط مطلقة صوت ارتطامها بالأرض، قد لا يكون بالصوت العالي لكنه يكفي لإلهام البعض ذوي الآذان المرهفة لكتابة بيت من الشعر .

ذات الآذان المرهفة التي تكتب أبيات الشعر على صوت قطرات الندى، ستكون من كل بد صاغية لأصوات نواقيس المعابد وأجراس الكنائس ومآذن المساجد التي تصدح كل يوم في كل مدن الدنيا. إلا أن ذات الموجات الصوتية التي تولد قطرات الندى وتلك التي تولد أصوات الدعوة للآلهة لن يكون لها المعنى ذاته لآذان الشاعر المرهفة. فأذنه المرهفة اعتادت سماع الأصوات التي لا تريد أن لها أن تسمع، فقطرة الندى لا تصدر الصوت لأنها تريد أن تسمع الجميع، بل ذلك الصوت قد يكون هو أسوأ ما تتوقعه كنهاية لمرحلة من حياتها عند انتقالها من نقاوة السماء إلى خبايا الأرض لتسري عائدة في عروق الشجرة التي كانت على أوراقها قبل برهة أو لتغوص عميقا إلى حيث لا يدري بها أحد، يا ترى هل ستعود كقطرة ندى مرة أخرى؟ أم أنها ستصبح قطعة ثلج تروي عطش الداعي للإله في حر الصيف مع أنه لم يتكبد عناء تسلق برجه الذي يعلو عشرات الأمتار كما فعل أجداده قبل أن يعبث فرانكلين بطائرته الورقية ويحضر إلينا كهرباء رعد السماء ليدير مسجل الصوت للمرة الثالثة منذ الصباح لإصابته بالزكام في ذلك اليوم.

فرانكلين هو ذاته من اخترع واقية الصواعق التي تقي داعي الإله من الموت متفحما تحت ظلال برجه إن كان مزاج السماء معكرا وقررت أن تفرغ ما خزنته من طاقة الرعد فوق مبنى معماري من الأسمنت المسلح هو من أعلى النقاط في المدينة. لم يكن فرانكلين ليحتاج لاستخدام مانعة صواعقه لو كانت كل المباني تصنع من الخشب والحجارة كما كانت قبل زمن مكبرات الصوت والأسمنت المسلح، الذي تكبد فيه أجداد صاحبنا الداعي تسلق عشرات الدرجات لإرغام شاعرنا المسكين على سماع أصواتهم والتغطية على صوت فناء قطرة الندى، إلا أن فرانكلين هو من يجب أن يلام على تعكر مزاج شاعرنا، فهو من اخترع ما يوصل الأصوات إلى آذانه، وهو من حمى تلك الأبراج لتزداد علوا لتذكر شاعرنا بأن أصوات قطرات الندى لن تسمع عندما يود سماعها بل فقط عندما يصمت الآخرون أو يصابون بالزكام عندما تكون الكهرباء مقطوعة.

هناك تعليق واحد:

 
Free counter and web stats